الابراج : الأبراج الصينية : عدد المساهمات : 671 نقاط : 11262 التقييم : 0 تاريخ الميلاد : 04/12/1975 تاريخ التسجيل : 21/03/2010 العمر : 48 الموقع : قلب أجمل الملكات العمل/الترفيه : صاحب الموقع المزاج : وحيد
موضوع: خمس رسائل إلى أمي 20/8/2010, 7:24 pm
خمس رسائل إلى أمي
صباحُ الخيرِ يا حلوه.. صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه مضى عامانِ يا أمّي على الولدِ الذي أبحر برحلتهِ الخرافيّه وخبَّأ في حقائبهِ صباحَ بلادهِ الأخضر وأنجمَها، وأ ُ ﻧﻬرها، وكلَّ شقيقها الأحمر وخبّأ في ملابسهِ طرابينًا منَ النعناعِ والزعتر وليلكًة دمشقية..
أنا وحدي.. دخا ُ ن سجائري يضجر ومنّي مقعدي يضجر وأحزاني عصافيرٌ.. تفتّشُ –بعدُ- عن بيدر
عرفتُ نساءَ أوروبا.. عرفتُ عواطفَ الإسمنتِ والخشبِ عرفتُ حضارَة التعبِ.. وطفتُ الهندَ، طفتُ السندَ، طفتُ العا َ لم الأصفر ولم أعثر.. على امرأةٍ تمشّط شعريَ الأشقر وتحمل في حقيبتها.. إليَّ عرائسَ السكر وتكسوني إذا أعرى وتنشُلني إذا أعَثر
أيا أمي.. أيا أمي.. أنا الولدُ الذي أبحر ولا زالت بخاطرهِ تعيشُ عروسُة الس ّ كر فكيفَ.. فكيفَ يا أمي غدوتُ أبًا.. ولم أكبر؟
صباحُ الخيرِ من مدريدَ ما أخبارها الفّلة؟ ﺑﻬا أوصيكِ يا أمّاهُ.. تلكَ الطفلُة الطفله فقد كانت أحبَّ حبيبةٍ لأبي.. يدّللها كطفلته ويدعوها إلى فنجانِ قهوتهِ ويسقيها.. ويطعمها.. ويغمرها برحمتهِ..
.. وماتَ أبي ولا زالت تعيشُ بحلمِ عودتهِ
وتبحث عنهُ في أرجاءِ غرفتهِ وتسأل عن عباءتهِ.. وتسأل عن جريدتهِ.. وتسأل –حينَ يأتي الصيفُ- عن فيروزِ عينيه.. لتنثرَ فوقَ كّفيهِ.. دنانيرًا منَ الذهبِ..
سلاماتٌ.. سلاماتٌ.. إلى بيتٍ سقانا الحبَّ والرحمة إلى أزهاركِ البيضاءِ.. فرحةِ "ساحةِ النجمة"
إلى تحتي.. إلى كتبي.. إلى أطفالِ حارتنا.. وحيطانٍ ملأناها.. بفوضى من كتابتنا..
إلى قططٍ كسولاتٍ تنامُ على مشارقنا وليلكةٍ معرشةٍ
على شبّاكِ جارتنا
مضى عامانِ.. يا أمي ووجهُ دمشقَ، عصفورٌ يخربشُ في جوانحنا يعضُّ على ستائرنا.. وينقرنا.. برفقٍ من أصابعنا..
مضى عامانِ يا أمي ولي ُ ل دمشقَ فلُّ دمشقَ دورُ دمشقَ تسكنُ في خواطرنا مآذﻧﻬا.. تضيءُ على مراكبنا كأنَّ مآذن الأمويِّ.. قد زُرعت بداخلنا.. كأنَّ مشات َ ل التفاحِ.. تعبقُ في ضمائرنا كأنَّ الضوءَ، والأحجارَ جاءت كّلها معنا..
أتى أيلول يا أماهُ.. وجاء الحزن يحمل لي هداياهُ ويتركُ عندَ نافذتي مدامعهُ وشكواهُ
وأينَ طفولتي فيهِ؟ أجرجرُ ذيل قطتهِ وآكل من عريشتهِ وأقطفُ من بنفشاهُ
دمشقُ، دمشقُ..
يا شعرًا على حدقاتِ أعيننا كتبناهُ ويا طف ً لا جمي ً لا.. من ضفائرنا صلبناهُ
جثونا عند ركبتهِ.. وذبنا في محبّتهِ إلى أن في محبتنا قتلناهُ... \\ // ((نزار قباني)) ~~~~~~~~~~~~ أهديها إلى أمي وإلى كل الأمهات أتمنى أن تنال إعجابكم ياغاليين وتقبلو تحياتي وورودي